Skip to main content

نقاد: إبراهيم فرغلي قدم أربع روايات في رواية «معبد أنامل الحرير»

نقاد: إبراهيم فرغلي قدم أربع روايات في رواية «معبد أنامل الحرير»


نقاد: إبراهيم فرغلي قدم أربع روايات في رواية «معبد أنامل الحرير»

وكالة أنباء الشعر - بلال رمضان 
اتفق كل من الناقد الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة المصري الأسبق، والناقد محمود عبد الشكور، نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر، على أن الكاتب المصري إبراهيم فرغلي، قدم في روايته «معبد أنامل الحرير» أربع روايات.

جاء ذلك خلال حفل توقيع ومناقشة عدد من أعمال إبراهيم فرغلي، الكاتب المصري الذي يعيش في دولة الكويت، ويزور مصر خلال هذه الأيام، وأدار الندوة الشاعر سيد محمود، رئيس تحرير جريدة القاهرة، وناقش الرواية شاكر عبد الحميد، محمود عبد الشكور، وفي بداية الندوة قرأ إبراهيم فرغلي مقطعاً من رواية «معبد أنامل الحرير»، وقدم عرضاً بانورامياً حولها لجمهور الندوة.


وقال سيد محمود: أعتقد أن العمل الأخير لإبراهيم فرغلي يشير بشكل واضح إلى ما يمكن تسميته بالعالم الروائي عنده، وتحديداً الذي يتمثل في موقفه من الرقابة، وهو موقف يتكرر في أكثر من عمل خاصة «معبد أنامل الحرير» و«أبناء الجبلاوي»، ففي روايته الأحدث نلاحق سيرة مخطوط، إضافة إلى انشغاله بالسلطة والرقابة وهو ملمح رئيسي عند إبراهيم فرغلي وثنائية اختفاء الكاتب وحياة النص، وهى ثنائية في العملين الآخيرين أيضًا.

وقال محمود عبد الشكور: برأيي أن هذه الرواية من أهم الروايات التي صدرت في العام المنصرم، وهى تجربة سردية لا تنفصل عن مجمل أعمال إبراهيم فرغلي، وربما تتماس مع روايته الشهيرة «أبناء الجبلاوي» وهو ما سوف يلمسه القارئ، والهاجس بينهما، وهو هاجس حرية الكاتب، فوجود الكاتب وحريته أصبح الآن على المحك، ولدينا في ذلك مثال رواية 451 فهرنهايت، والتي تتحدث عن فكرة الفاشية القادمة من النازية، فهذا الهم موجود، ولهذا حق لإبراهيم فرغلي أن يخصص روايتين.


وأوضح محمود عبد الشكور أن رواية «أبناء الجبلاوي» قائمة على اختفاء روايات أديب نوبل العالمي نجيب محفوظ، في ظروف غامضة، وأجواء ظلامية، ثم تنتهي الرواية أنه بالرغم من اختفاء روايات محفوظ ومحاولات إخفائه هو نفسه، تخرج شخصيات الروايات، فالرواية هنا تنوب عن صاحبها، فالراوي يختفي، وتنوب عنه شخصياته ونراهم في الشارع.

وأضاف محمود عبد الشكور: لكن في «معبد أنامل الحرير»، وهى فكرة معقدة، فلدينا ثلاث روايات في رواية واحدة، رواية كتبها صاحبها واختفى، ورواية عن المخطوط، وهى التي تتماس مع فكرة رواية «أبناء الجبلاوي»، ومن ثم الرواية الثالثة وهى رواية عن السفينة التي تشهد الأحداث.

وتابع «عبد الشكور»: إبراهيم فرغلي قرر أن يقدم تحية لفن السرد، وذلك من خلال تعبيره عن بقاء السرد رغم اختفاء الكاتب، تماماً كما فعل صلاح جاهين حينما كتب قصيدة يرثي فيها بيرم التونسي وهى قصيدة من عيون الرثاء العربي، حينما قال «جاهين» في هذه القصيدة «بيرم فتحت كتابه رد عليا».


وأضاف «عبد الشكور»: لقد جعل إبراهيم فرغلي حيلة المخطوط، هامة جداً ليقتبس من بعض الكتب بهدف التأكيد على بقائها وعدم موتها، برحيل مؤلفها، فلا معنى للكتابة بدون حرية، وهذا هو الواضح وما نراه في رواية إبراهيم فرغلي، ولهذا فبرأيي أننا أمام نص مركب ومعقد، يحتفي بالسرد، ولم أجد فيها مشاكل، فجزء أساسي من قيمة هذه الرواية هو حفاوتها بفن السرد، يموت الراوي وتبقي الرواية، وهذا ما يقدمه «فرغلي».

وختم محمود عبد الشكور رأيه قائلاً: لا يمكن لمجتمع أن يدعي الحرية إلا بحرية الكتابة وحرية المرأة، وهو ما يتجلى في مشهد نهاية الرواية عند إبراهيم فرغلي، حينما خرجت النساء وقد كتبت الكتب على أجسادهن.


أما الدكتور شاكر عبد الحميد، فقدم دراسة بعنوان «جوجل إرث وشباحية الكتابة»، موضحاً علاقة «جوجل» في دراسته ببداية الرواية التي تشير إلى أنه على الرغم من أن «جوجل» بإمكانه أن يرى كل شيء في أي مكان، إلا أنه لم يمكن أن يرى ما في داخل السراديب، أو في أعماق النفوس البشرية.

وأضاف شاكر عبد الحميد: الرواية برمتها مرتبطة بهذه الأعماق سواء على المستوى المادي المرتبط بالمباني والسراديب مثلاً، والمتاهات، أو المستوى المعنوي من العلاقات الخفية، والأحلام والكوابيس، لدى شخصيات الرواية، عوالم الرواية شتى في شبكات أشبه بالمتاهة، قطاعات طويلة، وعريضة أفقة ورأسية، بداية من «جوجل إرث».


ورأى شاكر عبد الحميد أن الرواية أشبه بالمتاهة، تواجه القارئ بمستويات شتى، فيها هذا المستوى الخاص بحكاية رشيد الجوهري، وهو هنا يمكن أن يفهم على أنه شخص «رشيد» أو «حجر رشيد» لفك الطلاسم العديدة المودجودة في الرواية.


وأضاف «عبد الحميد»: هناك مستويات أخري، منها المستوى الخاص بالرواية التي تتحدث فيه عن نفسها، وتأملها لذاتها، والإنعاكسية على ذاتها، وأن الكتابة تتأمل ذاتها، وأنها ليست رد فعل أو نتيجة لما يقوم به كاتبها، فالكتابة تريد وتتمنى، فهى ليست مفعولاً بها، هى تكون كما تريد، وهكذا هناك هذه «النوتة» أو «الدفتر» الذي يكتب فيه رشيد، وفي نفس الوقت هى تكتب نفسها، وتراقبه هو ذاته، وأصدقائه وأعداءه، هذا الوعي الذاتي وهكذا تتحول الكتابة إلى عين ترى، بدلاً من كونها صفحة يكتب فيها الكاتب، بل هى أيضًا ترصد ما حول كاتبها، تدرك عصف الرياح وسكونها، وتحولات البشر، تشهد الرواية أحداثا ومعارك وقصص حب وعشق وجرائم، فهى العالم الذي نظن أنه جرم صغير في حين ينطوى فيه العالم الأكبر.


وأشار شاكر عبد الحميد إلى أن هناك نوع من الاحتفاء والولع بالكتب والكتابة، نوع من الشهادة من التسجيل لصوت الصامتين وصرخات الذين تم إقصائهم، وفرع يتحول إلى أصل، وهامش يتحول إلى متن، فنتتبع حياة هؤلاء من خلال دفتر رشيد الجوهري.


وقال «عبد الحميد» إن ما نسيه الصديق محمود عبد الشكور خلال حدثيه حول عدد الروايات التي قدمها إبراهيم فرغلي في «معبد أنامل الحرير» هو أننا أمام أربع روايات في رواية واحدة، فالرواية الرابعة هى الرواية التي يكتبها إبراهيم فرغلي، مضيفاً: ولكن أين توجد الرواية الحقيقة هنا، في الحقيقة أنا لا أعرف، نحن أمام «مجمع روايات»، أحداث وشخصيات وأحلام وقراءات، واستشهادات، وأحلام داخل داخل.

أما الكاتب إبراهيم فرغلي، فقال: ما أود الإشارة إليه، يتمثل في جوهر الخوف من المعرفة، وهو الهوية، فأنا أتصور أن المجتمع المصري هو سلسيل المعرفة، في مصر القديمة، فنحن خلال عملية بحثنا عن المعرفة، نبحث عن هويتنا.

Comments

Popular posts from this blog

معبد أنامل الحرير: إخفاء المؤلف.. قناع الموت

معبد أنامل الحرير: إخفاء المؤلف.. قناع الموت لا يتحدد المنجز السردي لرواية "معبد أنامل الحرير"، الصادرة عن منشورات ضفاف والاختلاف، في إطار الألعاب الكتابية التي شيدها إبراهيم فرغلي، بقدر ما يقوم هذا المنجز علي الفرص الغنية التي قدمتها هذه الألعاب للقاريء كي يمتلك حرية غير مروّضة في تأويل الرواية، والتي يمكن أن تتمادي إلي درجة الطيش اللازم لهدم أي منطق مفترض لها. نحن أمام مخطوطة لرواية بعنوان "المتكتم" تحكي (حياة) كاتبها المختفي رشيد الجوهري بالتزامن مع قراءة صديقه (قاسم) لصفحاتها.. كيف تتحدث المخطوطة؟ رشيد الجوهري يتكلم بواسطة مخطوطته (وهو ما يُفسر حيازتها للأبعاد والصفات الإنسانية) التي تتجاوز حدودها الخطية لتسرد (الحياة الكاملة) كأنها تحقق مقولة جاك دريدا: (لا شيء خارج النص)، أي أن الوجود هو نص، ولا شيء خارج الوجود؛ لذا فالمخطوطة ليست مجرد انعكاس جمالي، جزئي لحياة كاتبها، وإنما تحتوي  ضمنياً ـ تفاصيل ذاكرته كلها، وهي الطريقة الوحيدة التي ينبغي التعرّف علي سيرة الكاتب من خلالها، حتي تلك المشاهد والأزمنة الشخصية التي يبدو أن الكتابة لم تتضمنها .. رواية

إبراهيم فرغلي ضيفا على قناة النيل للحديث عن معبد أنامل الحرير

إبراهيم فرغلي في متاهة الراوي

إبراهيم فرغلي في متاهة الراوي رضوى الأسود وفق المنطق الإبداعي، لا حدود للخيال، وعلى رغم ذلك يندر أن نجد في الأدب العربي رواية بطلها جماد. لكنّ هذا ما حققته الرواية الأحدث لإبراهيم فرغلي، «معبد أنامل الحرير» (منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف) والحاصلة على جائزة ساويرس للرواية، عن عام 2016. البطل هنا مخطوطة لرواية غير مكتملة. هنا المخطوطة ليست فقط البطل، لكنها الراوي أيضاً. ولا يقف طموح الروائي عند هذا فقط، بل يتعداه لتصبح المخطوطة فاعلاً بعد أن كانت مفعولاً بها، كاتبة بعد أن كانت مكتوبة، حرة بعد أن ظلت حبيسة، إما في درج من الأدراج، أو قارب، أو قمرة في سفينة في عرض البحر. فهي تؤمن بنفسها عميقاً، على رغم أنها ظلت تعاني شعوراً غامراً بالنقص بسبب عدم اكتمال أحداثها بفعل الاختفاء المُلغَّز لكاتبها: «كان المفترض أن أكون اليوم كتاباً منسوخاً في آلاف النسخ، يتكاثر قرائي، يعرفوني، وأعرفهم، ومن خلالي تصل أفكار مختلقي، رشيد الجوهري، الذي أصبح اختفاؤه لغزاً لا يبدو لي أنني سأتمكن من حل غموضه لو استمر سير الأمور على النحو الذي تسير عليه». لكن هذه الثقة في قوة ما يحمله متنها، هي ما سي